الرئيسية/مقابلات وتحقيقات/الشاعر الفنان حسن مرتضى في تجربتة الشعرية لمجلة إشكاليات فكرية: الاعتقال زادني إيمانا بما كنت مقتنعا به وهو: أن إسرائيل يجب أن تزول من الوجود
الشاعر الفنان حسن مرتضى في تجربتة الشعرية لمجلة إشكاليات فكرية: الاعتقال زادني إيمانا بما كنت مقتنعا به وهو: أن إسرائيل يجب أن تزول من الوجود
الشاعر الفنان حسن مرتضى في تجربتة الشعرية لمجلة إشكاليات فكرية: الاعتقال زادني إيمانا بما كنت مقتنعا به وهو: أن إسرائيل يجب أن تزول من الوجود
المعتقل جعلني أمتلك متسعا من الوقت لأكتب
الشاعر المحرر من السجون الإسرائيلية حسن مرتضى، حوّل سجن “وادي جهنم” قرب معتقل أنصار، إلى عنصر إبداع وتجربة شعرية مميزة… ويكاد يكون المعتقل الوحيد في هذا السجن الذي كسر قيود الأسر بكتابة الشعر وتخليد الذكرى بديوان يحمل اسم “وادي جهنم”… نسبة إلى ذلك السجن الذي استحدثه الإحتلال بعد الفرار الجماعي لعدد من المعتقلين… ولا يزال الشاعر حسن مرتضى يذكر التعذيب والغبار والوحل والآلام… في “أنصار” والوادي (وهو منطقة بين جبلين قرب معتقل أنصار)…
ويؤكد الشاعر أن الاعتقال منحه متسعا من الوقت ليكتب، وزاده إيمانا بزوال إسرائيل… لافتا إلى أن الفن؛ كالرسم يمد الشاعر بخيال رحب، وصورة محلقة…
في هذه المقابلة، لم نتحدث مع الشاعر حسن مرتضى عن الفنون التي يتقنها جيدا إلى جانب الشعر الفصيح، ونكتفي بالإشارة الى أنه فنان في الرسم والنحت…
ومنذ نشأته في الخامسة عشرة من عمره، أصبح محترفا مهنة فنية أيضا هي مهنة الخياطة… بدأ بخياطة القمصان، ولاحقا تطورت صناعته فأصبح يمتلك مشغلا صغيرا لصناعة الألبسة الجاهزة، يشتغل معه، وتحت إدارته المباشرة، أكثرمن 20 عاملا وعاملة… ومع هذا كله كان يتابع دراسته الليلية للمرحلتين المتوسطة والثانوية وبعدها الجامعية، من دون الاهتمام باللغات الأجنبية، ومن دون السعي إلى حيازة الشهادات الرسمية!
وفجأة، كما يقول: “جاءت الحرب الأهلية اللبنانية سنة 1975، فقضت على كل طموحاتي العلمية والعملية…”، وكبرت الحروب الاسرائيلية على لبنان، فجاء الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 ليحتل الجنوب والجبل والعاصمة بيروت، ويصبح حسن مرتضى أسيرا مع آلاف الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين… في معتقل أنصار؛ لأنه كان منخرطا في أثناء الحرب الأهلية منذ 1975حتى 1982 في العمل المقاوم ضد إسرائيل، وكان مع رفاق له يصدر نشرة سياسية أسبوعية باسم “اللجان الشعبية”، ضمن إطار تنظيمي: (الحركة الثورية اللبنانية)…
مضى ستة عشر شهرا، وحسن مرتضى في معتقل أنصار، يكتب شعرا ويرسم وينحت أشكاله الفنية؛ مرة، بحسب تعبيره “من الخشب، ومرة من الحجر، وأشارك في إقامة الأمسيات الشعرية، وإحياء المهرجانات في المناسبات الوطنية والقومية…”
جاءت عملية تبادل الأسرى في 24/11/1983… فتحرر الشاعر الفنان حسن مرتضى مع آلاف الأسرى، حاملا معه باكورة أعماله الشعرية التي صدرت لاحقا في ديوان “وادي جهنم” عن دار آسيا سنة 1985… مسجلا على الغلاف الخلفي للديوان هذه العبارة: “هنا يتربع السكون معتقلا ظاهر الحركة! ولكن الباطن: هل يسكن؟!”
س1: انطلاقا من هذا العنفوان المشع بالحيوية والنشاط الذي تتحدى به جبروت الظلم والطغيان والاحتلال، نسأل:
-لماذا لم يظهر حسن مرتضى شاعرا قبل مرحلة المعتقل؟ فهل هذا يعني أن الاعتقال أو الأسر هو الذي جعل منك شاعرا؟
ج: أبدا لا أعتقد بذلك، فالواقع يثبت أنني كنت أكتب الشعر قبل مرحلة المعتقل، مثلا قصيدة: “شتات اليقظة”، وقصيدة “عقد قران في ليل الوطن الحالم”، تأتيان في الصفحات الأخيرة من ديوان “وادي جهنم”، ومؤرختان قبل تاريخ المعتقل بأكثر من 4 سنوات… بالمناسبة، فإن قصيدة “عقد قران…”، قدمتها في مسابقة شعرية أقيمت في مدرسة الشجرة بصور في العام 1978، وفازت بالجائزة الأولى: (الأعمال الكاملة للشاعر محمود درويش)، ونشر الخبر في مجلة “الفجر” التي كانت تصدر عن الشبيبة الديمقراطية…
قرأت قصائد شاعرنا الكبير المرحوم محمود درويش، وتأثرت بها كثيرا…
نعم كنت أكتب الشعر قبل الاعتقال، ولكن بشكل نادر وقليل؛ لأنه لم يكن لدي متسع من الوقت لاكتب شعرا متى أشاء…
س2: وفي المعتقل أصبحت أنت والوقت ملكا لكتابة الشعر…؟
ج: تماما…وللرسم والنحت أيضا…
س3: ماذا عن حياتك وأعمالك بعد المعتقل؟
– انتهى عملي السياسي المنظم، وتدمر الإطار التنظيمي…، فوضعت نفسي في موقع المتقاعد سياسيا وتنظيميا، وتفرعت لأعمالي المهنية لتحصيل العيش الكريم…وفي أوقات الفراغ ألجأ إلى الكتابة والمطالعة…
س4: قرأنا على صفحتك في الفايسبوك أن لك خمسة إصدارات حتى العام 2003…
ج: نعم، وهي: وادي جهنم 1985، ولا مفر من السراب1991، وصيفية الغفران 1997، وهياكل النرجس 2003، ودراسة موجزة عن أدب المقاومة1987…
س5: حدثنا عن الخلفية الثقافية التي تقف وراء إبداعاتك الشعرية؟
ج: ثقافتي نابعة من البيئة الاجتماعية القائمة في جنوب لبنان المعروف ب”جبل عامل”… أساس هذه الثقافة ليس أكاديميا، حتى اللغة العربية وقواعدها لم أتلقى علومها من طريق المدارس الرسمية التي تعلمت فيها، بل هي نتيجة جهد خاص ورغبة عارمة في المطالعة والقراءات المتنوعة في الفلسفة والأدب والشعر والفنون بشكل عام…
س6: هل ترى احتكارا للساحة الشعرية في لبنان والعالم العربي؟
ج كل شيء قد يكون معرضا للاحتكار، باستثناء الشعر؛ فهو الوحيد الذي لا يمكن أن يكون حكرا لأحد…
س7: ما علاقة الفنون الجميلة بالشعر؟
– الفنون تكمل بعضها بعضا؛ وفي مملكة الفن يعد الشعر هو الملك الذي يتربع على عرشها…
س8: ما عناصر التجديد في شعرك؟
ج: حين تقرأ نتاجي الشعري بتمعن الباحث والدارس والمحلل والناقد، ستجد عندي ما يرضيك من عناصر التميز والتجديد؛ أذكر الآن منها عنصرين: الأول هو الأساس الذي يعتمد بشكل طبيعي، ومن دون تكلف، على تكثيف الصور الشعرية التي تقوم عليها أعمدة بناء القصيدة… والأساس الثاني هو أن يكون (اللاوعي) فارضا سلطته على وعي الشاعر في أثناء الكتابة، فيجعله متكلما على حدث ما قبل حدوثه بسنوات!… وهذا ما يفسر فنيا سطوة الإبداع التي تجنح إلى الغموض في الشعر المعاصر…!
س9: ما هي القصيدة التي توجهها إلى قراء مجلتنا إشكاليات فكرية؟
ج: قصيدة صغيرة عمرها حوالي 34 عاما موجودة في ديوان “وادي جهنم”…