في رحاب ناجي العلي ضمير فلسطين/
بقلم الخطيب حسين
بطاقة وفاء لمن الهبَ ابداعه خيالي وحَرَّضَ قلمي
يعزُّ عليَّ ان انطقَ بعد طول صمتٍ وانت لستَ هنا يا شمعةً فضحتْ خفافيش الظلامِ في نفق الردَّةِ الكبرى.
انا حنظلةُ الشاعر ابن المخيم حيث الفقر والقهر والحرمان.
وعبق الذكرياتِ حولَ موقد النارِ عشيةَ ليلةٍ باردة من ليالي كانون، وحيثُ جيراننا أبو فوزي ؛ وأبو فؤاد ؛ وأبو حسن يتنازعون كؤوس ذكرياتهم حلوها ومرّها تحت خيمة سوداءَ حبكتها ايدي العدو البعيد وابن العشيرة القريب.
ولطالما سحرتني تلك الاحاديث وانا المولود في الشتات؛ كنت امدُّ سمعيَ من تحت اللحاف واقتطف من افواه الساهرين ملامح وجه حبيبتي فلسطين بيادر خيرٍ وقلاع مجدٍ ودفء شمسٍ ومناغاة قمر ومشاغبة حبيبين مراهقين على هامش العادات والتقاليد وأسماء أماكن وقصصًا واحداثا كان لها ما بعدها في عقل وضمير وقلب الفلسطيني. كنت أحاول بتفكير الصبي الساذج ان ارسم ملامح فلسطين حبيبتي البعيدة القريبة من خلال ذلك الفتات الذي استطيع التقاطه خلال تلك السهرات في بيتنا وانطلق بخيالي الصبياني الجامح كي أعيش فلسطين ولو افتراضيا فاشعر بسعادةٍ غامرة واتماها مع معشوقتي فلسطين وادخل كما الصوفي في غيبوبة من الوجد والتوحد وما اصحو الا على وقع زخّاتِ المطر تعزف لحنها السماوي مع اطلالة الفجر فاضحكُ وابكي معًا.
اضحك من سذاجتي وجموح خيالي وابكي من لسع سياط البرد التي تندفع نحو عظامي تتخندق فيها غير عابئة بشبهِ لحافٍ اتجاذبه واخوتي.
انا حنظلة الشاعر ربيب ريشتك المبدعة؛وصدى آلامك واحلامك وظلُّكَ الرافض لكل ابجديات القهر والذل؛ ولطالما حبستني في هامش ابداعك مدبرا غير مُقبلٍ منكوش الشعر يداي خلف ظهري وكأنك تقول لي: إصمت أيها الصعلوك الشاعر ودَعْ ريشتي تتكلم فعمر الطيور قصير.
هاانذا اليوم أتكلم واترجم رسوماتك شعرا فافضحُ تلك الكروش المندلقة والارداف المترهلة والوجوه القبيحة وتلك الأصابع التي ترسم علامة النصر امام الجماهير نهارا وتتأبَّطُ خصر السيجار الفاخر ليلاً في علب الليل المشبوهة.
افضح أولئك الابطال الكرتون أولئك الابوات الذين كانوا يُصدِّرونَ ابناءهم المميزين جدا الى بلاد العم سام من خلال صناديق المنح الدراسيةِ ويدفعون بابناء المخيم الفقراء والبسطاء الى سوح المعارك المشبوهة حيث تتحول دماؤهم ارقام حسابات مالية في بنوك الأعداء الأصدقاء.
وترتد عظامهم قذًى في عيون أهلهم وخناجر تنكأُ جراح الأمهات والآباء صباح كل عيد.
فسلام لك وعليك ياضمير شعبنا ومرآةَ شجوننا واحزاننا
..