اثنان وخمسون دهراً
بقلم الصحفي الأستاذ باسل عادل رحال
عندما كنت أنتظر أي خبر عن الشهيد هيثم نايف، طيلة اثنين وخمسين يومًا، كنت أقرأ رسالته مرارًا وتكرارًا. واليوم، بعد أن تأكد خبر استشهاده، عدت لقراءتها من جديد. قرأتها عشرات المرات، لكن هذه المرة بمنظور مختلف…
في البداية، كانت مجرد رسالة مجاهد، أما الآن، فهي وصية شهيد، تحمل في طياتها دروسًا وعبرًا لن تغيب.
“روحي طايرة عالسما” – “راكض عآخرتي”
كان الشهيد يسعى لمراتب السمو، فنالها. ومن عرف هيثم يعلم أنه كان أهلًا لهذه المكانة العظيمة، فهو ممن اصطفاهم الله.
“رايح لاقي ربي”
هيثم كان جاهزًا لملاقاة ربه، وهذا هو التحدي الأكبر الذي قد يعجز الكثير عن بلوغه. لكنه فعل، بإيمان وثبات قل نظيرهما.
“مرتي أهم من الكل”
العاشق الحنون، العريس الجديد، لم ينسَ محبوبته حتى في شهادته. أوصى بها كما كان يحميها في حياته، ليبقى الحب رفيقًا حتى في الوداع.
“الشباب الحركيين رفقاتنا، استسمح منن فردًا فردًا، إخواتي”
لم ينسَ رفاقه في حركة أمل، رفاق الدرب والكفاح. كان لهم الأخ والصديق، ولم يرضَ أن يغادر دون أن يسامحهم ويستسمحهم، وفاءً ومحبةً.
“استسمح من أمين”
حتى ذرة الخلاف لم يسمح لها بالبقاء. أصر على الصفاء والنقاء، وأبى أن يترك الدنيا قبل أن يصفي قلبه مع صديقه.
كان هيثم طاهرًا بكل ما للكلمة من معنى. عاش بيننا شهيدًا حيًا، واستشهد في الصفوف الأمامية، كرارًا غير فرار، مدافعًا عن العرض والأرض والأهل.
هو خريج كلية الإعلام، المثقف المشتبك، الذي حمل السلاح والفكر معًا.
بكل فخر واعتزاز، أزف لكم اليوم قرّة عيني: الشهيد هيثم نايف.
هنيئا يا أخي…رحمك الله يا بطل، وجعل دمك نورًا يهتدي به كل الأحرار.