الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / الأدب المنتفض / حرب الشائعات الصهيونية والداخلية: سلاح الدمار الشامل للبنان !

حرب الشائعات الصهيونية والداخلية: سلاح الدمار الشامل للبنان !

حرب الشائعات الصهيونية والداخلية: سلاح الدمار الشامل للبنان !
بقلم أ.د. أنور الموسى


“إيران باعت الشهيد هنية والسيد نصر الله ولبنان لمصالحها…”!
“يوجد في مأوى النازحين الجنوبيين مقاومون وأسلحة”!
“تحت مستشفى الساحل وغيره أنفاق ومستودعات أسلحة…”!
“تنقل سيارات الإسعاف مقاتلين وأسلحة للمقاومين”!
“هناك مخطط عراقي لتهجير أهل الجنوب اللبناني للعراق من دون رجعة، والدليل التسهيلات المجانية لاستقبال اللبنانيين بالعراق…”!
…تلك نماذج واضحة من الإشاعات والفبركات والأكاذيب الإعلامية التي تتناقلها بعض المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع، مخلفة حالات ذعر وإرباك وتشويش تكاد تزعزع الاستقرار المجتمعي والشعبي والوطني.
فالإشاعات كما هو معلوم تؤدي دورا خطيرا في زمن السلم والاستقرار، فكيف إذا ما استثمرها العدو الآن في ذروة المعركة ‘الوجودية” التي لا يسلم منها طفل ولا حجر ولا مسجد ولا مجلس عزاء، ولا حتى هواء وماء؟!
وغني عن البيان أن تلك الشائعات التي نتتبعها وتصاغ في قالب إخباري زائف، يتداولها قسم مهم من اللبنانيين بشكل سريع، فتنتشر كالنار في الهشيم… متسمة بالإثارة كونها تثير الفضول، فضلا عن الغموض أحيانا… والمؤسف أن مصدرها ليس العدو فقط، إنما يشمل أيضا جهات داخلية أو إعلاميين معروفين (قد تكون هنا لمآرب سياسية أو طائفية في مجتمع متنوع كلبنان)… وحتى فضائيات ومطبعين… وقد يكون مصدرها محلل أو مثقف يرميها في صفحته أو حسابه، من دون دراية منه أن العدو يستغلها.
وقد أدى غياب الأمين العام دورا في بطء مواجهة تلك الشائعات وغيرها، كونه كان خلال خطاباته الشهيرة، بشكل أو بآخر، يواجه الشائعات ويردها على ذويها، محملة بأدلة دامغة… فغيابه هنا قد يسهل على قسم من البيئة الحاضنة والنازحين ومن يستقبلهم… تلقف بعض تلك الشائعات وربما نشرها.
ولا ننسى سرعة النشر عند أي شخص حاليا في الفايسبوك والواتس آب وغيرهما.

وتأخذ الشائعات مظاهر متنوعة، فمنها السياسي والاجتماعي والفكاهي وحتى الثقافي… فبعضها يطفأ في مهده، فيما الآخر ينتشر طويلا قبل سكونه، أو عودته ثانية في ظروف مشابهة… كشائعة اغتيال نائب الأمين العام السيد نعيم قاسم، واستثمار المطار لتهريب أسلحة!
وليس غريبا أن ينشر العدو شائعات وأخبارا ملفقة ليستغلها خلال وقت قصير لقصف هدف حيوي… كما فعل في معبر المصنع على الحدود اللبنانية السورية وغيره! وكأني به هنا نشر الكذبة وصدقها.. ليسوغ للعالم قصفه الأماكن الحيوية والبنية التحتية للدولة اللبنانية… وكذلك يفعل في الانذارات المتتالية لمباني الضاحية الجنوبية لبيروت وبقية المناطق…
وكذلك الحال في ما يتعلق باستهدافه مقرات “البونيفل” والمساجد وجنود الجيش اللبناني وضباطه…
فالإشاعات أدت دورها البين في تهجير قرى بعينها، وكذلك أحياء كبيرة…ولا سيما أنها تزامنت مع مجازر بأسلحة فتاكة محرمة دوليا… أميركية وغربية.
وغني عن البيان أن العدو يسعى من خلال إشاعاته زعزعة الاستقرار الداخلي اللبناني وزرع الفتنة ولا سيما عبر شائعاته التي تستهدف النازحين… فضلا عن استثماره حرب الشائعات في الحرب النفسية ومحاولة زعزعة المعنويات لدى المقاومين… لكن حتى بوجود ما هو افظع باغتيال القادة عجز عن ذلك.
مجمل القول: إن حرب الشائعات لا تزال في بدايتها،… وحتى لا يتوغل العدو في استثمارها لا بد للجهات الرسمية من التحرك وتوقيف من يطلق الإشاعات الكاذبة ولا سيما من يرسل رسائل كاذبة بالإخلاء وهو يتسلى أو له مغزى معين.
ومن الضرورة بمكان دعم وسائل الإعلام بلبنان هذا التوجه والتحقق من الخبر ومصدر المعلومات…
ولا ننسى ضرورة التحلي بالشفافية والصدق وعدم إخفاء الحقائق… لأن إخفاءها يعزز بيئة الشائعات.
المقاومة عبر بياناتها تؤدي دورا معينا في محاربة الشائعات… وكذلك في أدائها العملي اللافت في الصمود والمواجهة البرية… لكن علينا جميعا أن نتحمل مسؤولية إنسانية في دعمها في مواجهة الحرب النفسية وحرب الشائعات… لأن شائعة واحدة قد تقلب الموازين، ويكون أثرها تدميريا تماما كأسلحة الدمار الشامل!

بقلم أنور الموسى