الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / الأدب المنتفض / إغتالوها مرتين…لكنها لم تمت

إغتالوها مرتين…لكنها لم تمت

كتب الأستاذ رائد حمادة
إغتالوها مرتين…لكنها لم تمت

🌹مسيحية، تحمل الجنسية الأميركية، إعلامية مخضرمة، تمتلك كافة المؤهلات العلمية و العملية لتعيش في الولايات المتحدة الأميركية و لتعمل بأكبر المحطات الإعلامية العالمية التي تضمن أمنها و أمانها و رغد عيشها، و لكن بنت بيت لحم ربيبة النهج المقاوم إختارت الهم الفلسطيني و معاناة شعبها لتكون مراسلة الخبر الفلسطيني من قلب الحدث و من تحت زخات الرصاص و الصواريخ لتقول للكون أجمع هنا فلسطين يا عالم فإنصت و إسمع…
🌹شيرين ابو عاقلة، ألفتها عيوننا على الشاشات ، و كذلك قلوبنا و مسامعنا على مدار ربع قرن، تنقل لنا الصورة و أصل الخبر بصوتها الفلسطيني الأصيل، مراسلة إنتفاضة الأقصى و مؤرخة صمود مخيم جنين حتى آخر رصاصة بجعبة القائد ابو جندل قبل إستشهاده. عاصرت حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ابو عمار، و وثّقت جرائم الاحتلال بالصوت و الصورة فكانت فدائية إستشهادية، تجابه و تقاوم بالعدسة و الكلمة حتى أمسى صوتها أعلى من صوت المدافع و الميركافا و الصواريخ الفراغية.
🌹خافها الصهيوني المحتل لأنها تعريه بكل مرة أمام الرأي العام العالمي، فأمست شيرين (المسيحية) هدفاً صهيونياً فكانت تصفيتها بدمٍ بارد جريمة عرّت المحتل الغاشم…أبت شيرين إلا أن تعرّي الاحتلال بموتها و رحيلها كما كانت تفضح نازيته بحياتها، و لكنها بالوقت ذاته كشفت ورقة التوت عن المتربصين بالوحدة الوطنية الفلسطينية، هؤلاء الذين شاركوا الاحتلال بإغتيالها مرةً أخرى بتحريم لقب الشهيد عليها و كأنها لا تنتمي لهذا الشعب و لهذه القضية، شيرين ابو عاقلة الفلسطينية الهوية و الإنتماء و الاستشهاد لم تعبّر يوماً عن ديانتها و معتقداتها الروحية بقدر ما كانت تعبّر عن الهم الفلسطيني و الجرح النازف من اقصى غزة حتى القدس الشريف…
🌹لم تكن شيرين الشهيدة المسيحية الفلسطينية الوحيدة على درب تحرير فلسطين، بل سبقها مناضلون لهم باع طويل بمسيرة الثورة الفلسطينية، منهم الثوار و الأحرار و الكتّاب و الشعراء و مؤرخين و القيادات الوطنية و التاريخية، فمن منا ينسى حكيم ثورتنا جورج حبش و منظرها المخضرم كمال ناصر أو القائد العسكري الشهير الذي أرُق أمريكا و الكيان الصهيوني بخطف الطائرات الشهيد وديع حداد. إنّ هذا الشعب الوفي لمناضليه و ثواره لن يقبل بإغتيال شيرين مرتين كما لن يقبل شطب تاريخ ناجي علوش رئيس إتحاد الكتاب و الصحفيين الفلسطينين الذي أثرى أدبياتنا الوطنية بعطاءاته و تضحياته، إنّ هذا الشعب الرافض للمذهبية و الطائفية الدينية يكرّم كل يوم عطا الله حنا و حنان عشراوي و نايف حواتمة و لا ينكر فضل الأدباء إدوارد سعيد و مي زيادة و غيرهم من الشخصيات الوطنية المسيحية المعروفة كأنيس الصايغ و يوسف الصايغ و القائمة تطول…
إغتالوا نضالها و تاريخها و مسيرتها بعد أن تمت تصفيتها على يد المحتل…
🌹شاركوا المحتل بإغتيالها معنوياً بعد أن إغتالتها يد الغدر الصهيونية جسدياً…
🌹لا مكان للدواعش في صفوف شعبنا الفلسطيني، لقد ردّ هذا الشعب على دواعش العصر و فتنتهم بتكريم شهيدة الكلمة و الوطن شيرين ابو عاقلة بجنازة مهيبة شارك فيها كل الفلسطيني فأمست شيرين علم من أعلام فلسطين التي يفتخر بتاريخها شعب فلسطين و يجاهر بمحبتها و إحترام تاريخ نضالها.
🌹شيرين يا ريحانة القدس و زيتونة بيت لحم…سامحينا لقد خذلناك مرتين، يا أخت الرجال سامحينا فلا يعرف قيمة أخت الرجال الا الرجال…