السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقالات / محاولات على طريق اللّغة تحية حارّة إلى “مجلّة إشكاليات فكريّة” في انطلاقتها الأولى بقلم الشاعر البروفوسير د حسن جعفر نور الدين

محاولات على طريق اللّغة تحية حارّة إلى “مجلّة إشكاليات فكريّة” في انطلاقتها الأولى بقلم الشاعر البروفوسير د حسن جعفر نور الدين

محاولات على طريق اللّغة

                   تحية حارّة إلى “مجلّة إشكاليات فكريّة” في انطلاقتها الأولى

بقلم الشاعر البروفوسير د حسن جعفر نور الدين

إنها لمناسبة سعيدة؛ ولادة مجلة ناهضة (مجلّة إشكاليّات فكريّة) تنضمّ إلى ما هنالك من مجلات ووسائل إعلاميّة جميعها مولودات لغتنا الحيّة (اللّغة العربيّة) فمبارك للمجلة صدورها وإنطلاقتها في مجتمعها وبين أهلها وناسها، ومبارك للمشرفين عليها والقائمين بشؤونها؛ أهل الفضل والعلم والمعرفة، فأهلا وسهلا بالوافد الجديد، وهي في كل حال شمس جديدة لهذه اللغة، لعلّها تنقّيها مما لا يزال عالقاً بها من ضروب الضعف… واصلاً بها من رديء  العقول وضعيف الحجة وقليل الاستعمال، خاصة في هذه الأيام التي طغت فيها الثقافة الغربية وتسللت إلى لهجاتنا ولغاتنا ومعاملاتنا وتصرفتنا، فأصبحت إعلاناتنا وإصداراتنا ومحالنا مصدّرة باللغات الأجنبية، ناسين لغتنا العربية التي تعتبر أجمل لغات العالم وأكثرها حيوية وأشدها متانة وقوة… حسبها أنها لغة القرآن الكريم، بها نزلت الآيات على الرسول الأعظم محمد، وهي من أكثر اللغات قدرة على الإيحاء والتناسل، دخلت معظم لغات العالم، وأصبحت كلمات… كثير منها في أسس تلك اللغات، ولغتنا أكثر من غيرها قدرة على التعريب والإشتقاق والتقديم والتأخير، سهلة سلسة، قادرة على أن تلغي وتلد في الوقت نفسه… أن تجدد نفسها وتستفيد من لغات الآخرين، فتأخذ ما يناسبها وترفض ما يشوهها…

ولنعلم أن المؤامرة على لغتنا كما على وجودنا قائمة ومستمرة، من هنا ينبغي ألا نتجاهلها كما يحصل اليوم في أحاديثنا المتبادلة، واستعمالاتنا في وسائل التواصل الحديثة…حيث تغيب عند كثير من المتعاملين معها وتحلّ محلّها الحروف الأجنبية التي تشوه المعنى وجمالية الصور، فإلى أين نحن ذاهبون بلغتنا وهي عزنا وشرفنا وعلة وجودنا وحضارتنا وتاريخنا الذي نتوارثه من جيل إلى جيل؟

ولذلك يأخذني السرور والغبطة عندما نرى أن مجموعة من الغيارى على اللغة يشدون الرحال إليها؛ لأنني اعتبرها اليوم في غربة بين أهلها، هل يعقل ويصدق أن أكثر من نصف سكان دول المغرب العربي كانوا لا يعرفون اللغة العربية وكانت لغتهم التي ينطقون بها الفرنسية، وأن أول رئيس لجمهورية الجزائر بعد استقلالها عن فرنسا وهو الزعيم العربي أحمد بن بللا وضع بين يديه أستاذاً يعلمه اللغة العربية، وأن معظم أحاديثنا المتبادلة يغلب على كثير من ألفاظها العنصر الأجنبي فرنسياً أكان أم إنكليزياً؟ لذلك كما سبق وقلت نبتهج عندما نرى أصحاب غيرة وحميّة على اللغة يشمّرون عن السواعد، وينطلقون إلى مهمات صعبة وهي إعادة الوجه المشرق للغة، كما نرى اليوم مع (مجلّة إشكاليّات فكريّة) والقيّمين عليها من المعروف عنهم أنهم يعشقون اللغة العربية، ويحرصون على الإهتمام بها، ويحرصون على تقديمها بأبهى حلّةٍ عبر أبحاث ومقالات ونصوص حية غنية مبنى ومعنى، فنحن أمام عصر وجيل جديد يبدو أنه يعيش في غربة مع لغته ولا يفقه منها إلا ما يتوارثه من لغة التداول والتخاطب، فإلى الميدان أيّتها المجلة الناهضة، وأيها الشباب والفتيان… فعليكم تعقد الأماني، وستكون بإذن الله مستمرة

غنية، بتوفيق من الله وسعي منكم تدفعه النوايا الطيبة والعمل المستمرّ الدؤوب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.