رقصة الجائع العظيم!
2019-10-28
قصة وسرد
444 زيارة
بقلم الكاتبة مهى هسي
رقصة الجائع العظيم
يُحكى أن في القصر الكبير، البعيد جدًّا من أهل المدينة، تعيش ملكة منذ زمن بعيد ولم تخرج يوماً من هناك.
وقفت الملكة ذات يوم أمام مرآتها وسألتها بكبرياء:
– هل هنالك من هي أجمل منّي ؟
– نعم! هنالك من هي أجمل منك يا سيدة القصر.
شهقت متعجبة من جواب مرآتها، كادت أن تنفجر غيظاً, فسألتها بحقد:
– من هي ؟ أرني وجهها!
راحت المرآة تبثّ لها نقلاً حيًّا لمظاهرة هائلة لحشودٍ من الفقراء وهم يجوبون شوارع المدينة، يستشيطون غضباً، يمزقون ملصقات على الجدران، يشتمون كيفما اتفق، يكسرون كل شيء، يحرقون كل شيء.
همست لها مرآتها بثقة:
– هذه الوجوه أجمل منك يا سيدة القصر، انظري الى الوجوه تشبه وجه المدينة وهو مضاء بنور آخر القناديل في أروقة العتمة.
لم تحتمل الملكة جرأة مرآتها ووقاحتها، فقذفتها بكأس النبيذ الذهبي. تحطمت وطالت شظاياها زوايا الغرفة، وتحولت المرآة إلى فوهة فارغة. فجأةً، قفزت جميع الوجوه من هذه الفوهة. قتلوا الملكة ببقايا الزجاج المتناثر، بحثوا عن الملك وعندما رأوه ركضوا خلفه، فإذ به يخرج من باب القصر، اعتقلوه وحولوا الباب الى إطار لوحة سجنوه داخلها من دون أن ينبس ببنت شفة، ثم أشعلوا النار في كل الصالات والغرف والستائر بجنون عفوي.
في بهو القصر، الطفلة المعروفة ب”بائعة الورد” راحت تعزف لهم على البيانو. رقصوا بفرح كثنائيات منسجمة مع بعضها كما النبلاء، غير آبهين بالنيران التي قد تطال خيوط ملابسهم الرثة، ثم راحت الأيادي ترتفع تدريجيًّا إلى السماء…